ارحل يا سمو الأمير .. فقد أخفقت ..!!

** أتذكر أنني كتبت ذات يوم عن شاعر كنت أرقبه وأقرأه .. كنت أحاوره أحيانا في دندنات عبادي عبر أوتار عوده .. وفي برواز عبده .. وأحلق معه في بعض المحطات مع شبيه الريح ..!!
** وكتبت أيضا ان أداءه يشدني قبل صوته وهو يشدو بنمنمات الحرف .. وسحر القافية .. وإحساسه الذي لا يتوافق أبدا .. مع سرعة الركض في المستطيل الأخضر .. والأهازيج في المدرجات .. ولغة التصاريح بعد المنازلات .. كنت ممن سلم بسقوط الأزرق عندما جلس على كرسي الرئاسة بالهلال ..!!
** وتساءلت حينها .. هل خاب ظني ؟ نعم هو كذلك .. فالقلم الذي يجيد المراوغة في الأحرف .. والحس المرهف في الكلمات .. والعقلية التي ترتب الجمل والقوافي .. نجحت بدرجة امتياز في تطويع الصخب في عالم المجنونة .. لدفء كبير .. يصرخ بأعلى الصوت في أجندته .. وللرياضة أيضا قصيدة حب .. وقافية ود .. وأبيات تحمل المشاعر ببلاغة الاتفاق لا الاختلاف .. وجناس الالتقاء .. لا الافتراق .. وبديع الابتسامة .. لا العبوس ..!!
** ألوم من ؟ الشعر الذي حرمه من الغوص في قافية الرياضة منذ وقت مبكر .. أم ألوم الرياضة لأنها باعدت المسافات بينه وبين حبه القديم الجديد .. الحرف والقافية وما بينهما من عالم خاص .. لا يعيشه إلا أولئك المبدعون ؟
** وأشرت أيضا .. انه في عالم المجنونة كرة القدم .. هناك رجالات ينقلون معهم زنبقة الحرف لعالمها .. ينفخون فيها مشاعر الألفة والمحبة .. يرشون على صخبها ومنافساتها وتعصبها .. بقايا من البرواز .. ويحلقون بها مع الريح .. يغذونها بالمشاعر والأحاسيس .. يبادرون فينجحون .. وتتحول أقوالهم لأفعال .. !!
** ولأنهم ممن قالوا وصدقوا .. وممن قدموا مصالح غيرهم على مصالحهم .. ولأنهم سلاطين على قلوب العقلاء .. فقد وجدوا من يسمع لهم .. لا لأنهم رؤساء أو وجهاء .. بل لأنهم أهل خير ومحبة .. همهم الوئام .. ولغتهم التي يتحدثون بها المحبة .. فنجحت نواياهم الخيرة .. واستجاب لمبادرتهم الجميع ..!!
** من غيره شبيه الريح .. الذي زرع هذا المفهوم الجديد في المدرج الرياضي .. بادر في وقفته مع النصر بقلب صاف ورؤية ثاقبة .. فتحولت مبادرته لعاصفة وحدة رياضية وتضامنية بين الأندية المحلية مع العالمي في الخليجية .. وكرر المحاولة التضامنية مع الشباب .. فثبت قاعدة التشجيع للوطن في المنافسات الخارجية .. ووجه دعوته لجماهير ناديه الأزرق لمناصرة الليث .. فحقق الشباب مراده .. بجمهور غفير .. ووحدة تضامنية محلية شهد لها الجميع في الآسيوية ..!!
** وأتذكر أنني قلت أوقفوا عبد الرحمن بن مساعد ومبادراته .. وإلا سيحول الرياضة التنافسية الصاخبة .. لواحة محبة .. ربما تختفي حينها الإثارة في ملاعبنا ..عفوا قلت أوقفوا .. أعني ادعموا ..!!
** كل ذلك كتبته عندما حقق بنك أهدافه المحلية التي وضعها في أجندته كرئيس للهلال .. وأعتقد انه من الرؤساء القلائل الذين أتوا إلى الكرسي .. ومعهم كراسة الأهداف .. ومن ضمن أهدافه هذا الموسم اللقب الآسيوي .. الذي أخفق في تحقيقه .. الرجل وعلى الملأ قال «إنه أخفق» ولم ينجح في تحقيق اللقب الآسيوي .. لذلك أعلن استقالته الرسمية التي أقسم أنها ليست مناورة ..!!
** يا سادة يا كرام .. شجعوا الأمير الشاعر على سن إستراتيجية جديدة لرؤساء أنديتنا المحلية والعربية .. شجعوه على الرحيل حتى يخجل الآخرون الذين لم يحققوا لأنديتهم ربع ما حققه عبد الرحمن بن مساعد للهلال .. ومع ذلك يتبجحون في الفضاء والأرض بأنهم صنعوا وعملوا وحققوا .. وكل ما أنتجوه لا يتعدى ثرثرة هنا وتبريرا هناك ..!!
** أنا معك يا سمو الأمير في قرار الرحيل .. أنا معك لخلق صورة جديدة لكرسي الرئاسة في أنديتنا المحلية .. وبصراحة أكثر قرارك أثلج صدري لسبب بسيط جدا .. وهو أنني لم أسمع من رئيس ناد محلي أو حتى خليجي أو عربي .. يعلن استقالته ورحيله عن منصبه لأنه لم يحقق بنك أهدافه التي وضعها في أجندته عندما جاء لكرسي الرئاسة .. لم أسمعها إلا منك .. !!
** لقد أدخل عبد الرحمن بن مساعد مفاهيم ثقافية كثيرة في المجتمع الرياضي في أقل من ثلاث سنوات .. نبذ التعصب .. وفتح قنوات الاتصال .. وقدم عملا احترافيا مؤسساتيا .. وأخيرا جاء بثقافة الاستقالة في حالة الإخفاق .. وهذه آفة الرؤساء والرياضيين في عالمنا العربي .. ولكنها ثقافة لرجل واثق من نفسه وقدراته .. ومؤمن بإفساح المجال لغيره .. متى ما عجز هو عن تحقيق الهدف المنشود ..!!
** ارحل أيها الأمير الشاعر .. لتترك لساحة الرياضة ثقافة جديدة .. تعود بالنفع والفائدة عليها .. !!
** وقبل الختام يا سمو الأمير .. أرى انه من شيم الرجال الوفاء بالعهود .. وأنت الرجل الذي لا يختلف اثنان على أنك واحد من أولئك الرجال الذين ان وعدوا أوفوا مهما كانت الظروف .. أعني يا سمو الأمير مستحقات ياسر القحطاني من عقده الجديد ..!!
** بقي أن أهمس في أذنك وأسألك .. لقد أضفت للمجتمع الرياضي الشيء الكثير .. فماذا أضاف لك .. ودعني أتجرأ أكثر .. عندما أعلنت الاستقالة لعدم إسعاد 70 ألفا كما تقول جاءوا للمباراة .. هل هي نابعة من إحساس شاعر .. أو إحساس رئيس .. ؟!! لأنني لم أعهد رئيسا يقول أقبل رأس كل فرد حضر المباراة حتى لو كان عددهم (70) ألفا ..!!