بحيرة من الدماء..!!

قبل سنتين من الآن لحقت بمزارعي الطماطم كارثة تسويقية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى؛ والسبب في ذلك يعود إلى أن غالبية المزارعين اتجهوا إلى زراعة (المجنونة) بدلاً من زراعة غيرها من الخضراوات، وبعد أن استوى المحصول على سوقه اتجهوا به إلى الأسواق؛ فكانت النتيجة أن حلقات الخضراوات أُتخمت بهذا المنتج المجنون حتى عجزت عن التنفس؛ فما كان من المشترين إلا أن فرضوا شروطهم كاملة على المزارع التعيس، الذي باع محصوله بثمن بخس دراهم معدودة، وزاد حنقه وغيظه حتى أصبح وجهه أشبه بحبة طماطم كاملة النضوج!!

ما حدث أن أصحاب الحلقات اشتروا ما يحتاجون إليه "بتراب الفلوس" حتى أن سعر الصندوق "4 كيلو" بيع في جدة والخميس والطائف والباحة ووادي الدواسر بريال واحد، وكان نصيب المزارع من هذه العملية الخسارة الفادحة، أما ما كان زائداً على حاجة المشتري، وهو كثير جداً، فقد تم إفراغه في صناديق القمامة – أكرمكم الله – وفي الأودية القريبة من حلقات الخضار!!

ويخبرني بعض المزارعين بأنهم تركوا محصولهم في الحقول أكثر من شهر دون أن يقوموا بجنيه، بعد أن عرضوا بضاعتهم في مناطق عدة من المملكة ولم يجدوا من يشتريها، مع أنها غير مزجاة، حتى أن بعض الحقول بدت وكأنها بحيرات من الدماء!!

في ذلك الوقت قام المزارعون بانتخاب أكبر حبة طماطم لذلك الموسم، ورموها في ملعب وزارة الزراعة، وقد بلغ بهم الغيظ مبلغه؛ حيث كانت حقولهم مليئة بالطماطم التي استطاعوا أن يغرقوا بها ملعب وزارة الزراعة، ومدرجات المتفرجين، والساحات المحيطة بالملعب، والطرق المؤدية إليه، ولكن الوزارة أوقفت المباراة حينها إلى وقت غير معلوم!

صبر المزارعون على مصيبتهم، وطلبوا من الله أن يخلف عليهم خيراً منها، وشاءت قدرة الله أن تتغير المعادلة وتتبدل الأحداث؛ ليستعيد باعة الطماطم شيئاً من حقوقهم الضائعة، ولسان حالهم يقول: مرة علينا ومرة عليكم؛ فلماذا تغضبون وقد كنتم تحصلون على صندوق الطماطم بريال واحد؟!

بعد كل هذا الشد والجذب صار من الواجب على وزارة الزراعة أن تستأنف المباراة المتوقفة، وأن توقظ فروعها من سباتها العميق؛ لتثقف المزارعين وتنبههم بأهمية إنشاء جمعيات للمزارعين؛ لتكون داعمة ومشجعة على زيادة الإنتاج الزراعي، وضماناً لتسويقه بشكل جيد.