كليات التقنية تبتكر القنبلة الذرية..!

منذ نشأتها قبل سنوات عدة لم تحقق الكليات التقنية الكثير من طموحات المتابعين لمشاكل البطالة وسوق العمل السعودي، وعلى الرغم من بذل قيادتنا الكريمة اللامحدود، وسعيها إلى توفير المباني الحكومية المجهزة بأحدث الوسائل التعليمية، وجلب الأساتذة المتخصصين من دول شتى، وغير ذلك من الجهود الحثيثة للرفع من أداء هذه الكليات، إلا أن مخرجاتها ظلت دون المأمول بكثير.

في كل عام تُخرِّج الكليات التقنية الآلاف من الطلاب المتخصصين في تقنية الكهرباء والميكانيكا والحاسب الآلي...إلخ، ولكن يندر، إنْ لم يكن مستحيلاً، أن ترى سعودياً يزاول تخصصه في القطاع الخاص باستثناء قلة ممن يعملون في بعض الشركات؛ فبعض هؤلاء الخريجين يتجهون إلى القطاع العسكري أو غيره من القطاعات الحكومية؛ حيث يمارسون أعمالاً لا تمتُّ إلى تخصصاتهم بصلة تُذكر، أما البقية منهم فلا يجدون مناصاً من التوجُّه إلى مستنقع البطالة الآسن حتى يأتي الله بأمره.

قبل عام ونصف العام من الآن أعلنت الكلية التقنية بالرياض فتح الباب لقبول طلبة الدبلوم الراغبين في الحصول على درجة البكالوريوس، وذلك عن طريق التعليم الموازي؛ حيث يدرس الطالب سبعة "أترام" في مدة لا تزيد على ثلاثين شهراً، واشترطت الكلية على الملتحق بهذا البرنامج أن يكون موظفاً، والغريب في الأمر أن الكلية تقوم بجباية ما يقارب التسعين ألف ريال من كل دارس! بحيث يدفع الدارس - المغلوب على أمره - اثنا عشر ألفاً عن كل فصل دراسي من الفصول السبعة! بمعدل ثلاثة آلاف ريال عن كل شهر, ومن ينظر إلى هذه الرسوم الهائلة سيعتقد أن كليتنا الموقرة ستُخرّج لنا خبراء في تركيب وإنتاج القنبلة الذرية!

ومع تزايد الخريجين من الجامعات المرموقة كطلاب جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وغيرهم من خريجي أقسام الهندسة في بقية الجامعات السعودية، إضافة إلى الطلبة المبتعثين لدراسة الهندسة في أرقى جامعات العالم، يصبح من الواجب طرح بعض التساؤلات حول مدى إلمام خريج الكلية التقنية بتخصصه، وعن المتاح له من الفرص بعد تخرجه، فمن الظلم أن تقوم الكلية بامتصاص دماء الطلبة وهي تعلم أنهم لن يتمكنوا بعد تخرجهم من منافسة نظرائهم من الجامعات الأخرى.