جامعة بملامح السجون!!

في الأسبوع الماضي كنتُ أتصفح صحيفة "الرياض" وإذا بخبر عن جامعة الحدود الشمالية، جاء فيه: "أصدرت إدارة التوجيه والتأديب بجامعة الحدود الشمالية 27 قراراً تأديباً، منها قرار بحرمان متدربة (مُعلّمة) من خارج الجامعة من الدخول للحرم الجامعي، ومنعها من حضور أي برنامج تدريبي بالجامعة؛ وذلك بسبب سلوكيات غير سوية قامت بها مع طالبة جامعية داخل إحدى الكليات التابعة للجامعة، إضافة إلى 26 قراراً تأديبياً بحق 18 طالبة، ما بين إنذارات وتعهدات وحرمان مكافأة لمدة شهر وحرمان من مقررات دراسية بسبب الغش، وإيقاف 6 طالبات فصلاً دراسياً واحداً, وحرمانهن من المكافأة بسبب مشاجرة داخل كلية التربية والآداب بالجامعة أثناء الدوام الرسمي، وفصل طالبتين لمدة عام كامل وحرمانهما من المكافأة لقيامهما بسلوكيات غير سوية داخل الحرم الجامعي!".

للوهلة الأولى تخيلت أنني أقرأ عن سجن في إحدى دول أمريكا الجنوبية!! وليس عن جامعة سعودية!! ولا يعني هذا اعتراض على إنزال العقوبة المناسبة على المخالفين من طلاب أو طالبات، بل على العكس تماماً، ولكن ما الفائدة من أن تنشر جامعة سعودية أخباراً كهذه في إحدى الصحف الرسمية؟! أليس من الأجدر أن تعلن الجامعة آخر ما توصلت إليه من إنجازات بدلاً من نشر هذا الخبر "البوليسي"؟!

عندما بدأ التوسع في افتتاح الجامعات توقعنا أن يكون هناك تزايدٌ في المجالات العلمية، وتضخمٌ في البحوث، وتخمة في الدراسات التي من شأنها أن تعالج مشاكل الدولة، كما أن الاكتشافات وبراءات الاختراع ستتواصل تباعاً؛ ما سيسبب ضغطاً هائلاً على مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية!! وبالتالي فإن الاقتصاد سينتعش، والبطالة ستنتهي، وستصبح مجرد ذكريات!! وسنخرج من ربقة دول العالم الثالث إلى الثاني، مع استعداد وتأهب كتأهب عدّائي المائة متر لـ"الطمر" على منصة دول العالم الأول!!
بالنظر إلى ما أنجزته جامعة الملك سعود من تقدم هائل وسريع على الأصعدة كافة، وفي مختلف المناشط، فإن الأمل كان كبيراً ببقية الجامعات في أن تحذو حذو أختها الكبرى، ولكن يبدو أن الإبداع لدينا فرض كفاية! إذا قامت به جامعة سقط عن بقية الجامعات؛ لذا فإن علينا أن نتنازل عن تلك الأحلام الوردية، وأن نكون واقعيين في التعاطي مع كل جديد أكثر من الواقع نفسه!!