مراهقون ينزلقون من ثقب رواية

ما حدث بالأمس رأيناه بمقل النون و الشدة وما نعاصره اليوم حملقنا به من فوق عرش الضاد.
رسمنا بيوت الطين بزخرفة الألف والكسرة، وتجسسنا على حديث من بخلف الطوب بتملق نون النسوة، فغدونا عيونا تلسكوبية لواقع يرسم بريشة ثمانِية وعشرين قواما رمزيا....
لكن : ما واقعنا المرسوم بحروفنا اليوم ؟ وما ماهية ألوانه وتفاصيل عاداته ؟
جميعها اليوم باتت محرفة و المجني الأول والأخير عليه هو ذاك المقبل على الدنيا بطيشه.
فمن بؤرة السرد القصصي خلّف مجتمعنا ألف صورة مغايرة لنتمسك حينها بمعتقدات لم نؤمن بها يوماً.
حكاية ألف ليلة وليلة ترجمة باللغة المحلية, لتوضع عليها بصمة الجودة السعودية.
يقال حينها حكاية عبلة وعنتر في الرياض ومجنون بثينة في الشرقية. رسموا لنا بفرشاة الحرف صورة البيت السعودي بشكل الجد الحكيم, والأب الكادح, والأم الحنون، وبعدها انخرطوا في السرد القصصي فأباحوا كلّ محرم.
المكالمات المغشوشة تنتهي بتتويج عقد سعيد, والعلاقات المخفية تعقبها سعادة أبدية، ليبدأ حينها ذاك المغلوب على أمره بمحاكاة الخرف الروائي المقروء، لاعتقاد أحمق منه أنّ ما سرد هو الأصوب وأنّ ما قد قيل هو الواقع، فينزلق في لحظتها فلذاتنا من ثقب هرج مفتعل حرف, وتبدأ معاناة مراهق من نقطة نهاية الرواية، ليرسم التسويف المستقبلي بنظير تلك الصدفة التي التقت بها البطلة بفارس الرواية، ويتفنن برسم الخطوط الوهمية على شبكة الغد.
إنّ أغلب الكوارث التي تفاقمت في مجتمعنا اليوم، سواءً في الشكل الخارجي, أو التطبع السلوكي, أو العبط اللغوي في الحديث, أو الانحراف الفعلي جميعها, كلها, و أغلبها مخرجها روايات تصاغ بلغة قلب وتزخرف بنقوش ترمم جفافا عاطفيا في دواخل من هم في طور نضج.
والمشكلة لا تتوقف على كاتبِ واحد، بل كل كاتب ينجب كتابا يحاكون قدوتهم الأدبية بنفس الأسلوب، ليخلفوا أيضاً آلافا من المغلوب عليهم، لذا نحن بحاجة إلى رقابة لأبنائنا سواءً كانوا كاتبين أم قراء، ومن الصعب جداً أن تكون شاشتهم العنكبوتية محط أنظارنا 24 ساعة، لذا نحن لسنا بحاجة لتسليط أعين، لكن بحاجة لزرع أعين نغرسها في النياط فيصورون المجتمع على حقيقته ويقرأون .. وهم مدركون لما هو خيال روائي وما هو استنساخ واقعي.