خطوة على الطريق

إن المشهد السياسي العالمي الحالي يحتاج إلى وقفة حقيقية صادقة منا ـ نحن العرب ـ مع أنفسنا، والمراجعة، ومحاولة السعي قدما نحو التضامن، والتآخي، وهذا ليس سذاجة، ولا مثالية زائدة عن الحد، لكنها أمنية يجب وضعها في الاعتبار ، لأن التحديات التي تواجه الأمة العربية تتفاقم يوما بعد يوم، وعندها ربما لا يمكن مواجهتها، والتغلب عليها إلا من خلال المصالحة، والمصارحة العربية ـ العربية، من أجل أجيالنا الحالية،والمستقبلية.
لا مناص للعرب للخروج من أزماتهم وكبواتهم إلا من خلال ترجمة تحركاتهم، وجولاتهم، ومساعيهم إلى أفعال حقيقية على أرض الواقع، مع التحلي بالمكاشفة والمصارحة والشفافية، وتغليب مصالح الأمة العربية العامة، على مصالح كل بلد عربي منفردا على حدة.
إن القمة العربية الاستثنائية ـ التي عقدت بالأمس القريب في مدينة سرت الليبية، وحضرها أغلب القادة العرب، وأقروا خلالها تقديم مساعدة مالية للصومال للخروج من مأزقها، وتمكين الحكومة الصومالية من السيطرة الأمنية على البلد، والوقوف مع السودان قلبا وقالبا، كي تتم عملية الاستفتاء المقبل على انفصال الجنوب عن الشمال بكل شفافية ووضوح، بحيث يأتي الاستفتاء موافقا لرغبة الشعب السوداني، وكذلك تأييد موقف فلسطين حيال المفاوضات مع إسرائيل، إلى جانب تفعيل العمل العربي المشترك، وتطوير وهيكلة الجامعة العربية ـ هذه القمة بكل ما فيها من قرارات وتوصيات، تعتبر خطوة على الطريق «نحو إصلاح ما يمكن إصلاحه في عصر مثقل بالتحديات التي تواجه الأمة العربية كافة.
لا يفوتني ـ في هذا الصدد ـ الإشادة بالموقف المصري، بالإفراج عن الإخوة مثيري الشغب التونسيين في مباراة الأهلي المصري، والترجي التونسي الأخيرة، بعد التفاهم الأخوي الودي بين الرئيسين المصري، والتونسي على هامش قمة سرت.
كما لا يفوتني أيضا التنويه إلى أن التطوير وإعادة الهيكلة، يجب ألا يقتصر على جامعة الدول العربية فقط، بل يجب أن يشمل كل الجوانب العربية المشتركة سياسيا، واقتصاديا، واجتماعيا، وحتى عسكريا.
ختاما : العربي الحقيقي ـ الذي يريد الخير لوطنه، وللعرب جميعا ـ هو من يستغل فرصة وجوده في أي مكان، وأي محفل يخص بلده أو يخص العرب، ويعمل على رفع الشأن العربي بكل ما أوتي من قوة، بدلا من زرع فتائل الفتن التي تضر ولا تنفع، ولا تسمن ولا تغني من جوع.