الوقـــــف والتكـــــافل الاجتمـــــــاعي

أوصى ديننا الحنيف بإقامة وقف لكل إنسان من ماله الخاص قبل وفاته وانتقاله من هذه الحياة الدنيا الفانية أو أن يوصي باقامته بعد وفاته وانتقاله الى رحمة الله في الحياة الآخرة الباقية الدائمة. ليصبح صدقة جارية تفيده في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون لقول خاتم الرسل والانبياء نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم :"اذا مات ابن ادم انقطع عمله الا من ثلاث: صدقة جارية، او علم ينتفع به او ولد صالح يدعو له" رواه بن ماجة. وغالبا ما يؤدي وقف الأفراد الى الاهمال والضياع. بسبب انقطاع النسل، أو بسبب التشاحن والبغضاء بين الأبناء او الاحفاد على ادارة الوقف والانتفاع به، ولدينا كثير من الشواهد التي ادت الى اهمال وضياع الاوقاف القديمة للافراد او التنازع بين الابناء او الاحفاد من الرجال والنساء بسبب الوقف.. مما أدى الى قطيعة الرحم التي أمرنا الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - بصلتها فقال الله تعالى: "فآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون". وقال سبحانه وتعالى: "فهل عسيتم ان توليتم ان تفسدوا في الارض وتقطعوا ارحامكم - اولئك الذين لعنهم الله فاصمهم وأعمى أبصارهم" (سورة محمد آية 23) وقال نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم: "احب الاعمال الى الله ايمان بالله ثم صلة الرحم ثم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وابغض الاعمال الى الله الاشراك بالله ثم قطيعة الرحم وقال عليه الصلاة والسلام: الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله وقال عليه الصلاة والسلام: من احب ان يبسط له في رزقه وان ينسأ له في أثره فليصل رحمه وقال عليه الصلاة والسلام: ما من ذنب اجدر ان يعجل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخره له في الاخرة من البغي وقطيعة الرحم، وقد اصبح وقف الاسرة لصلة الرحم والصندوق الخيري للاسرة من ضروريات العصر، لتفعيل التكافل الاجتماعي لدى كل اسرة في مجتمعنا الاسلامي ولتصبح زكاة وصدقات اغنياء كل اسرة لفقرائها، ثم لفقراء المسلمين ولأعمال البر الأخرى، فتستفيد كل أسرة من زكاة وصدقات الاثرياء لديها، سواء من الاحياء او الاموات، بدلا من تسولهم من الاخرين فيعود بالفائدة الكبيرة على اسرهم وبلادهم ومجتمعهم. فكل وقف لكل اسرة له صندوق خيري لصلة الرحم لكافة افراد الاسرة. عندما يقام "وقف وصندوق خيري لكل أسرة" يوضح فيه مساهمة كل واحد منهم فمن يكون غنيا في هذا العصر، قد يكون أبناؤه أو أحفاده فقراء في العصور القادمة ومن يكون فقيرا في هذا العصر قد يكون أبناؤه وأحفاده أغنياء في العصور القادمة، وبذلك نقوي صلة الرحم برعاية الفقراء في الأسرة ويتم القضاء على ظاهرة التسول التي تسيء لبلادنا الغالية، وتتم صلة الرحم والترابط الأسري في كل أسرة، فيستفيد الأبناء والأحفاد من الفقراء من الوقف في كل أسرة دون تنازع أو بغضاء، وتتم إدارته المحافظة على الوقف من الإهمال والضياع في كل العصور، من قبل الأبناء أو الأحفاد أصحاب التقى والصلاح من أفراد الأسرة المشاركين بالوقف فيحصل الترابط الأسري للتعاون فيما بينهم لمصلحة الوطن وهذا ما تسعى اليه حكومتنا الرشيدة بقيادة قائد مسيرتنا المباركة ورائد نهضتنا العلمية الحديثة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين والنائب الثاني وفقهم الله لكل خير. وأعزهم الله بالإسلام وأعز الإسلام بهم نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يوحد كلمة المسلمين على ما يحب ويرضى، ويحفظ لهم دينهم وبلادهم وولاة أمورهم المخلصين، وأن يرد كيد الأعداء في نحورهم، ويجعل تدبيرهم في تدميرهم. فبلادنا المقدسة هي منبع الوحي وأرض الرسالة الخالدة المؤتمنة على مقدسات المسلمين في الحرمين الشريفين، الحرم المكي الشريف به الكعبة بيت الله العتيق بمكة المكرمة قبلة المسلمين في كل مكان، والحرم النبوي الشريف لصفوة الخلق خاتم الرسل والأنبياء محمد - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة المنورة وبلادنا هي الدولة الاسلامية الوحيدة في هذا العصر التي تعلن الحكم بما أنزل الله، وتتخذ من كتاب الله العزيز وسنة نبيه الكريم دستورا لها ونبراسا لمواطنيها يسيرون على هديه وتشريعه وتقيم أهم شعيرة في الإسلام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.