الحيدري: كتب السيرة الذاتية الإبداعية عفوية لدى بعض السعوديين

أكد د. عبد الله الحيدري أن السيرة الذاتية الإبداعية هي جنس أدبي مستقل له ضوابطه، ويتميز صدوره مع نهاية حياة الإنسان.
وقال أستاذ الأدب والنقد في كلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية: لذا فإن السيرة الذاتية الإبداعية تحتاج إلى كاتب يفضح نفسه ومفلسفًا لقضايا ذاته، مشيراً إلى أن كتابة هذا النوع من السير تتضح جدارتها وقوتها فيمن يستطيعون كتابة الرواية، ومؤكداً أن الشخصيات الخليجية متسمة بالتواضع في هذا الجانب؛ لأن الحديث عن الذات مرتبط بـ «التبجيل والتمجيد والأنا».
وأوضح د. الحيدري، خلال محاضرة أقامها نادي الأحساء الأدبي الثلاثاء الماضي وأدارها عضو مجلس إدارة النادي د. ظافر الشهري، أن الكتاب التراثيين تحدثوا عن أنفسهم بسير ذاتية جميلة، لأنهم انطلقوا من باب التحدث بنعمة الله تعالى.
وقسم د. الحيدري السيرة الذاتية إلى قسمين، هما: السيرة الذاتية الإدارية، والسيرة الذاتية الإبداعية، مؤكدًًا أن مصطلح السيرة الذاتية غير دقيق، والأدق منه هو «التعريف بالذات» أو «الترجمة الذاتية»، لاقتران ذلك بمعلومات تتراوح بين الإنجاز الشديد والبسط اليسير.
وقال: إن هناك أخطاءً يرتكبها البعض في كتابة السيرة الإدارية، ومنهم المستشارون وأصحاب الخبرات العلمية الطويلة، فثمة خطأ يقعون فيه أهمها الإطالة المفرطة في الكتابة، والحديث عن تفاصيل لا تهم، كأن يذكر نسبه مطولاً، أو يسرد خطابات الشكر التي حصل عليها طوال حياته، إضافة إلى التداخل في المعلومات وفوضويتها وخلوها من التصنيف، وحاجتها إلى ترتيب يسعى إلى بناء السيرة الذاتية المختصرة بتدرج ومنطقية، ومنهم من يعتمد على معلومات قديمة ويغفل تحديثها، معالجًا ذلك بكتابة أكثر من سيرة،ففيها للمسؤول أو الأستاذ الجامعي أو الخبير، ومصنفة إلى عناوين مثل السير العامة والسياسية والثقافية والاجتماعية وغير ذلك.
وانتقد د. الحيدري كتابة السيرة الإبداعية لدى بعض السعوديين، الذين تصدوا لكتابة سيرهم وجاءت عفوية، ولم يأخذوها باهتمام، ولا يتضح فيها أنهم قرأوا عن أصول كتابتها وقواعدها أو قرأوا رأي النقاد والدارسين في الأعمال التي خضعت للنقد والتحليل، مشيراً إلى كثيراً من السير الذاتية في المملكة غلب عليها الاستطراد وإغفال التدرج الزمني والحشو، والاتكاء على مكاتبات وأوراق هشة لا قيمة لها في السيرة الذاتية، ونظروا إليها على أنها وثائق.
وقالك إن السيرة الذاتية، بوصفها عملاً إبداعيًا، تحتاج إلى روافد عديدة تساعد على نجاحها وتحتاج كذلك إلى تخطيط مسبق قبل البدء بكتابتها، وربما كان الإقدام على كتابتها أشبه ببناء منزل، فليس من المتصور أن يكون البناء كيفما اتفق، وإنما يخضع لتفكير طويل واستشارات ومداولات وعناية واهتمام، مؤكداً أنه ينبغي أن تكون لدى الكاتب قدرة انتقائية صارمة تستبعد غير المهم وتضحي بالعديد من الأحداث العادية.
وأضاف :إن أفضل الأعمال التي يمكن أن نقرأها من جنس السيرة الذاتية هي التي سينهض بها كتاب القصة والرواية، مشيرًا إلى أعمال ناجحة في هذا المجال، منها: «حياتي مع الجوع والحب والحرب» لعزيز ضياء، و «مكاشفات السيف والوردة» لعبدالعزيز مشري، و «سيرة شعرية وحياة في الإدارة» لغازي القصيبي، و «غربة في المكان» لإبراهيم الناصر الحميدان.
وذكر إن السيرة الذاتية عمل صعب لايخلو من تحد ومغامرة، وأهم سماتها الصدق والبوح، والمنطقية والتدرج والانتقاء الصارم والإيجاز، الذي يبنيها بناءً متقنًا دون ترهل وحشو وتفصيلات وإطالة تثقل العمل وتجلب الملل للقارئ والناشر.